الخميس، 16 يونيو 2011

خزعل الماجدي.. يكشف تاريخ الحضارة السوبرية في وادي الرافدين



خزعل الماجدي.. يكشف تاريخ الحضارة السوبرية في وادي الرافدين

  

الحضارة السوبرية هي حضارة (سوبارتو وسبار وكيش وأكد) في خط متواصل نافست الحضارة السومرية بقوة وسادت ثقافتها العصور اللاحقة.
كانت المفاجأة كبيرة حين أعلن الدكتور خزعل الماجدي (مؤرخ الحضارات والأديان القديمة ) عن وجود حضارة جديدة في وادي الرافدين اسمها الحضارة السوبرية، فقد اندهش جمهور الحضور في مدينة لاهاي المستمع للمحاضرة في قاعة النادي المندائي هناك.
المحاضرة رعاها ونظمها إتحاد الجمعيات الديمقراطية العراقية في هولندا والذي تبنى مشروع محاضرات الماجدي المعنونة (وحدة حضارات العراق) حيث جاءت هذه المحاضرة في (2/10 / 2010 ) بعد محاضرتين متميزتين له عن الحضارات التسع قبل سومر (عراق ما قبل التاريخ) ثم عن الحضارة السومرية.
بدأ المحاضر ندوته عندما عرض ما يقرب من 125 صورة ضوئية لتاريخ الحضارة السوبرية التي رأى بأن تاريخها ينقسم الى أربع مراحل هي:
المرحلة العتيقة: مرحلة سوبارتو (5000-4000) التي كانت حضارة حلف، بشكل خاص، حاضنة لها بعد ان بدأ العصر الحجري النحاسي مبكراّ في وادي الرافدين، وبدأ الإنقلاب الذكوري وظهرت سلطة الأب والعقائد الشمسية التي همشت عقائد الخصب والأرض والأمومة.
المرحلة القديمة: مرحلة سبّار (4000-2900 ) ق.م التي كانت قبل الطوفان وحكم فيها الملك (أينمن دور أنّا) الذي قدم نواميس الحكمة والمعرفة للبشرية آنذاك بعد أن تسلمها من السماء باسم (سر آنو) التي شملت أسرار السماء ولوح الفأل والعرافة.
المرحلة الوسيطة: مرحلة كيش (2900-2334 ) ق.م التي بدأت بها العصور التاريخية في العراق القديم من خلال السلالات أو الأسر الأربع التي ظهرت في كيش لحوالي أربعة قرون متتالية، ومن الأسرة الرابعة ظهر سرجون الذي كان ساقيا عند أحد ملوكها (أور زبابا) وأسس سلالة أكد.
المرحلة الحديثة: مرحلة أكد (2334- 2154) ق.م وهي مرحلة السلالة السرجونية التي سيطرت على مدن وادي الرافدين وتوسعت خارجه لتتكون أول امبراطورية في التاريخ هي الإمبراطورية الأكدية التي امتدت من الهند الى مصر وكريت وهذه الإمبراطورية هي التي جعلت البشرية متحضرة ونقلت لها كل نواميس الحضارة السومرية والسوبرية معاً والكتابة وكل فنون العمران والحضارة آنذاك، وكانت الحلقة السياسة الأخيرة في الحضارة السوبرية التي استمرت مادتها الحضارية مع المادة الحضارية السومرية في كل من الحضارتين البابلية والآشورية يشكل خاص.
قدم الدكتور الماجدي عرضا شيقا لتاريخ هذه الحضارة السوبرية التي قال ان المؤرخين فككوها بعشوائية ولم يستطيعوا ربط تاريخها المتصل. ثم استعرض كيف أن هذه الحضارة السوبرية هي التي أسست للحضارة الشمسية في مصر من خلال أول الفراعنة في السلالتين الاولى والثانية، حسب نظرية العالم الآثاري والمؤرخ (وادل).
وقد استعرض المحاضر مظاهر هذه الحضارة مؤكدا على جانبها الأكدي، والتي شملت المظاهر السياسية ونظام الحكم والنظام الإداري والامبراطوري، وقد أوضح المحاضر أن الحضارة السوبرية الأكدية كانت سلمية ولم تستعبد الشعوب وتحكمهم قسرا، بل نقلت لهم الحضارة ولذلك يمكن أن نعدها أول حضارة امبراطورية في التاريخ. ثم استعرض المظاهر الدينية مبيناً ان هذه الحضارة كانت تعتبر إله الشمس أولا، الإله المركزي لها ثم تأتي الكواكب الأخرى بعد الشمس وخصوصا الزهرة والقمر، لكنها في الوقت نفسه احترمت الأديان الأخرى، ومنعت التطرف الذي ظهر فقط في عصر نرام سين، عندما ألآلهه الآخرون وضعوا علامة الإله قبل اسمه، وظهرت أساطير الديانة الأكدية السوبرية وطقوسها وكهنتها ومعابدها
ثم تطرق الى مظاهرها الاجتماعية في تنظيم المجتمع والعائلة وغيرها ثم مظاهرها الثقافية في اللغة، والكتابة فقد كانت اللغة السوبرية الأكدية أقدم اللغات السامية وكذلك كتابتها المسمارية، وتحدث مطولاً عن أول شاعرة في التاريخ هي الشاعرة (إينخيدو أنّا) التي عثر على 45 قصيدة لها ترجمت الى أغلب لغات العالم ماعدا العربية، وكانت هذه الشاعرة ابنة سرجون الأكدي وكاهنة الإله القمر في أور وكانت شاعرة عظيمة لدرجة أن الغربييين أطلقوا عليها شكسبير الرافدين.
وكذلك ظهرت الكثير من الاعمال الادبية في تلك العصور. ثم أظهر المحاضر آيات الفن الأكدي في النحت والأختام الأسطوانية والعمارة. وبين التطور الكبير الذي احدثه الأكديون في فن النحت بشكل خاص في حين غابت أعمال الرسم، وانتعش فن الأختام الأسطوانية لدرجة كبيرة وتناول الكثير من الأساطير والبطولات والملوك وغير ذلك من شؤون العلوم والفنون.
حضر المحاضرة جمهور غفير من محبي الثقافة والتاريخ في هولندا من الجالية العربية والعراقية وتحاور الجمهور مع المحاضر في مختلف الأمور، ووعد المحاضر أن ينشر المحاضرة في كتاب مفصل يطرح فيها تفاصيل أخرى عن (الحضارة السوبرية) التى رأى أنها نافست الحضارة السومرية حتى في ظهور الكتابة بل وفي تدشين العصور التاريخية رغم عظمة وبكورية الحضارة السومرية.