التسميات

الجمعة، 10 يونيو 2011

العَود الأبدي

كتاب : العَود الأبدي - العودة للاصول وصراع الأسطورة والتاريخ
تأليف : الدكتور خزعل الماجدي
الناشر :الدار العربية للموسوعات في بيروت -404 صفحة






مازال (العود الأبدي) غامضاً عند الكثيرين ، عامة ً وخاصة ً، رغم أنه يُمارس من قبل الجميع كلّ يوم ، ورغم أنه يشكل جوهر السلوك الديني ،ولعل غموضه متأتٍ ، بشكل خاص ، من طريقة عرضه المشوبة بالكثير من اللبس والإبهام .
لايمكن فهم العود الأبدي باعتباره سلوكاً أو فكرةً أو خرافة قديمة ،بل يجب فهمه باعتباره نظاماً دينياً شاملاً يتضمن المكونات الرئيسية لأي دين معروف، فهو مكون من معتقدات وأساطير وطقوس خاصة به .
المعتقدات العَودية قديمة جداً فقد بدأت في عصور ماقبل التاريخ وتبلورت عند السومريين ثم ظهرت كفلسفة عند أنكسمندرس الملطي وهيراقليطس الأفسوسي في حدود القرن السادس قبل الميلاد ومابعده ، وقد حاول الغنوصيون والهرمسيون تعميمها في الفترة الهيلنستية ، ثم أعاد نيتشه الإعتبار لها باعتبارها فلسفة ً تقضي بأننا عشنا هذه الحياة من قبل وسنعيشها بعد ذلك لعشرات المرات ، ورأى فيها نوعاً من الخلود .
أما الأساطير العَودية فقد ظهرت ، أولاً ، في أساطير ديموزي السومري ودورة الموت والعودة الخاصة به وبأقرانه في الحضارات الأخرى (أزوريس ،أدونيس ، أتيس، ديونزيوس ...الخ ) ثم ظهرت في أساطير دورة الروح الهرمسية والغنوصية ، ومثولوجيا أدوار العالم التي ظهرت في أغلب الديانات .
أما الطقوس العَودية قفد ظهرت على نطاقٍ واسعٍ في جميع الأديان القديمة والتوحيدية ، وقد كشف عنها المفكر (مرسيا إلياد ) واعتبرها الحجر الأساس لكل دين .وكان إلياد يرى أن الإنسان البدائي هو الأكثر التصاقاً بمفهوم العود الأبدي لأنه كان يرى في العودة إلى الأصول الروحية التي خلقت العالم والكون طريقة لتكثيف كينونته وكينونة العالم ولإيقاف صيرورة التاريخ المدنّس الذي يفرز دائماً عناصر زائفة. ولذلك أقام تضاده المعروف بين التاريخ أو الزمن المتواصل مع الأبد أو الزمن المقدس أو الأسطوري.
وكان يرى أن الطقوس الدينية هي التي تعيد هذا الإنسان البدائي أو المتدين إلى ذلك العالم الأصيل النقي ليلتقي هناك بالنماذج البدئية والرموز الأسطورية. وقد نظر إلى أعياد راس السنة القديمة، بشكل لخاص، على أنها طقوس لتوديع سنة تاريخية مدنسة واستقبال أو ولادة سنة جديدة يولد فيها الكون من جديد نقياً مقدساً ورأى أن الأديان التوحيدية حاولت أن تجعل التاريخ تجلياً إلهياً عن طريق ظهورات مقدسة فيه أو انتظار نهاية مقدسة له عن طريق المخلِّص.
ومن جانب آخر أصبحت منظومة (العود الأبدي ) هذه مؤئلاً للمذاهب الأصولية ،التي جنحت نحو السلفية والماضي، عندما تأدلجت دينياً وغدت نظاماً قهرياً واستبدادياً مارسه الأصوليون في الدين والسياسة بشكل خاص وغدت نظاماً سلبياً تماماً .
أما في الأدب والفن فقد استثمره المبدعون الكبار في أعمالهم كأسطورة عميقة ودالة ، وفي العلم ظهرت أصداؤه مع نظريات الكون المرآة وعلماء الكلانية وفي تأويلات نظرية الإنفجار الكبير .
الكتب التي ناقشت العود الأبدي قليلة جداً وأغلبها يؤكد على جانب واحد منه ، لكننا حاولنا في كتابنا هذا فحص نظام العَود الأبدي بأكمله من معتقدات وأساطير وطقوس وتحرينا عنه في الشعر والرواية والتصوير و علوم الكون والفيزياء بشكل خاص .
الفصل الأول من كتابنا هذا ناقش مبادئ العود الأبدي وتعريفه وظهوره في الأفكار الخاصة بالزمان والمكان والإنسان والأفعال المقدسة ، وفي هذا الفصل حاولنا التعرف على أهم فلاسفته ومفكريه .
الفصل الثاني من الكتاب ناقش التطور الروحي لعقائد ومفاهيم العود الأبدي في الأديان كلها والتي صنفناها على أساس خاص هنا الى (القديمة ، الغنوصية ، التوحيدية ) وقد سلك كل نوع من هذه الأديان سلوكاً خاصاً في التعامل مع العود الأبدي فالأديان القديمة مارست التكرار الأبدي للطقوس ملتصقة بالنماذج البدئية (الأركيتايب ) كأساس لها . الأديان الغنوصية فقد أضافت أفكار خلود الروح ونهاية العالم والأدوار الكونية . أما الأديان التوحيدية فقد عملت على تأبيد التاريخ ورفع بعض حوادثه المقدسة الى مستوى العود الأبدي ، أي أنها بقـّعّت التاريخ بالأبدية وصاغت بدايته الكوزموغونية ونهايته الإسكاتولوجية بطريقة أسطورية.
الفصل الثالث تحرى عن عقائد العود الأبدي في الهرمسية والغنوصية وفي طرق تطبيق العود الأبدي ، وهنا كشفنا العقيدة العودية كاملةً عبر طريقة إيقافها للزمان التاريخي واختراقه بالزمان الأسطوري .
في الفصل الرابع خصصنا البحث في مثولوجيا العود الأبدي ومنها أدوار العالم ، الروح الأبدي ، الماء الأبدي ، ورموزالعود الأبدي .
وفي الفصل الخامس تحرينا عن طقوس العود الأبدي التي مارسها الإنسان القديم من خلال أعياد رأس السنة بشكل عام والأعياد المندائية بشكل خاص كنموذج مميز لهذه الطقوس .
في الفصل السادس فتشنا عن العود الأبدي في الفن والأدب والفكر وكشفنا الجانب الإبداعي والجانب المضلل (الأصولي ) فيها .وفي العلم ناقشنا نظرية المرآة وماصرح به علماؤها حول العود الأبدي للعالم وتردد صدى حوادث الكون في بعضها البعض ، وفي نظرية الإنفجار الكبير .
نرى أن العود الأبدي موجود اليوم في سلوكنا وحياتنا بشكل واضح وعلينا كشف الوعي الجميل له والوعي الشقي به ، فهذان الوعيان هما مايجعلانه إما مادة للإبداع أو مادة للقهر والإستبداد . ولذلك يحاول الكتاب أن يجيب عن السؤال الآتي : هل العود الأبدي فكرة جميلة مضللة ؟ أم هي فكرة دينية تتلبس الفلسفة والعلم ؟
دعونا، إذن ، نتصفح الكتاب ونقرأه بحثا عن الأجوبة .

خزعل الماجدي
دكتوراه تأريخ قديم 1996
دكتوراه فلسفة الأديان القديمة 2009



فهرس المحتويات
المقدمة
الفصل الأول :مبادئ العود الأبدي
1.ماهو العود الأبدي؟
2.الزمان المقدس (الأبد ) والزمان المدنّس (التاريخ )
3. المكان المقدس والمكان المدنّس
4. الإنسان المقدّس والإنسان العادي
5.فلاسفة العود الأبدي
الفصل الثاني : التطور الروحي لعقائد العود الأبدي
1.الأديان القديمـــــة : التكرار الأبدي والنماذج البدئية
2. الأديان الغنوصية : نهاية العالم والأدوار الكونية
3.الأديان التوحيدية : تأبيد التاريخ

الفصل الثالث : عقائد العود الأبدي
1.الهرمسية والعود الأبدي للروح
2.الغنوصية والعود الأبدي
3. طرق تطبيق العود الأبدي : كيف يتوقف التاريخ ؟

الفصل الرابع : أساطير العود الأبدي
1. مثولوجيا أدوار العالم
2.الروح الأبدي : دورة النشمثا في الديانة المندائية
3. الماء الأبدي : فقه الماء في السرديات الأولى لفجر البشرية
4. رموز العود الأبدي : الحيمن الكوني

الفصل الخامس : طقوس العود الأبدي
1.العود الأبدي في طقوس رأس السنة وولادة الكون أسطورياً
2. الطقوس الدورية المندائية والعود الأبدي

الفصل السادس : العود الأبدي في الفن والأدب والفكر والعلم
1. الفن والعود الأبدي : الفن المقدس والفن الجميل
2.الأدب العًودي : العود الأبدي والعود الأدبي
3. الفلسفة والعَود الأبدي
4.العلم والعود الأبدي: نظرية المرآة ونظرية الإنفجار الكبير
الفهارس